في ليلةٍ مظلمة، وبين كثبان الصحراء، جلس شيخٌ كبيرٌ على الرمال، يحدّق في نارٍ صغيرة أمامه. حوله أبناؤه الثلاثة يتجادلون بصوتٍ عالٍ، كلٌّ منهم يزعم أنه الأحق بوراثة القبيلة.
فجأة، مدّ الشيخ يده إلى كيسٍ صغير، وأخرج منه ثلاث عيدان متساوية، وقال: "من يكسر هذه العيدان مجتمعة، يرثني." حاول الأول، ثم الثاني، ثم الثالث... وفشلوا جميعًا.
ابتسم الشيخ وقال: "هكذا تكون القبيلة، لا تُكسر إلا إذا تفرّقتم."
الآن نبدأ من البداية: في زمنٍ بعيد، كان هناك شيخٌ يُدعى "سالم بن جابر"، يُعرف بالحكمة والعدل. عاش في قبيلةٍ كبيرة، وكان له ثلاثة أبناء: راشد، فهد، ومازن.
ومع تقدّم عمره، بدأ الأبناء يتنافسون على من يخلفه في زعامة القبيلة. راشد كان قويًا، فهد كان ذكيًا، ومازن كان كريمًا. لكنهم لم يتفقوا، وكلٌّ منهم يرى نفسه الأجدر.
بدأ الخلاف يكبر، حتى وصل إلى حد التهديد بالانقسام. في إحدى الليالي، دعاهم سالم إلى مجلسه، وأشعل نارًا صغيرة، ثم قال لهم: "الزعامة ليست قوة، ولا ذكاء، ولا كرم وحده.
الزعامة أن تجمع هذه الصفات، وتُبقي القلوب موحدة." ثم أخرج ثلاث عيدان، وأعطاهم إياها مجتمعة، وطلب منهم كسرها. لم يستطيعوا. ثم فرّقها، وأعطاهم كل عودٍ على حدة، فكسرها كل واحد بسهولة.
قال سالم: "هكذا أنتم، مجتمعين لا يُهزمكم أحد، ومفرّقين تُكسرون بسهولة. من يحفظ وحدة القبيلة، هو من يستحق الزعامة."
فهم الأبناء الدرس، وتصافحوا، وتعاهدوا على أن يعملوا معًا، لا ضد بعضهم. وبعد وفاة سالم، لم يخلفه أحد، بل حكم الثلاثة معًا، وأصبحت القبيلة أقوى من أي وقتٍ مضى. لاتنسى دعمنا بلايك ومتابعه للمزيد
